أخبار محلية

‏آلاف الأطنان من اللحوم الهندية المجمّدة تدخل لبنان سنويا و«تختفي» في سوق اللحم.. تخلط مع اللحم الطازج وتباع كلحوم بلدية «طازجة»! (الأخبار)

آلاف الأطنان من اللحوم الهندية المجمّدة تدخل لبنان سنوياً و«تختفي» في سوق اللحم. لا أحد يعرف عنها شيئاً، إذ لا تباع كمنتجٍ مجمّد له تاريخ صلاحية، بل تُخلط مع اللحم الطازج وتباع كلحوم بلدية «طازجة». الأزمة الاقتصادية وانعدام الرقابة والفساد عزّزت هذه السوق، فارتفعت نسبة اللحوم الهندية المجمّدة المستوردة من 1558 طناً عام 2019 إلى 10100 طن عام 2022 و7559 طناً في الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي

لم يعد تعليق الذبائح على مداخل الملاحم مشهداً مألوفاً. في معظم أماكن بيع اللحوم، أصبحت الذبائح المعلّقة – إن وجدت – أشبه بالزينة، يعلّقها اللحّامون فيما يلبّون طلبات الزبائن من قطع اللحم المكدسة في البرادات، ويقوم البعض بتحضير بعض الأنواع مسبقاً، كاللحم المفروم والشاورما والهمبرغر والمقانق، ليس لتسهيل عمله، وإنما لأنه، ببساطة، يغشّ.

إذ يخلط اللحوم المجمّدة المستوردة باللحم الطازج ويبيعها على أساس أنها «بلدي». ولأن قلة من يلتفتون إلى هذا الأمر ولا يميّزون بين الطازج والمجمّد، يمرّ الأمر بسلاسة: «يُضرب» اللحم الطازج بالمجمّد ويباع إلى المستهلك بسعر الطازج، رغم أن أسعار المجمّد أقل بكثير. ويصل الأمر إلى حد قيام بعض اللحّامين بتقديم «عروضات»، فيصل سعر الكيلو إلى ما بين 400 ألف ليرة و500 ألف.

هذه «التخفيضات» تدفع إلى السؤال: أي اللحوم نأكل؟ ولماذا لا يتم إعلام المستهلك بما هو معروض أمامه كما يفرض القانون؟ لا أحد يعرف الجواب، ومع الأزمة يكاد يصبح الجواب مستحيلاً، بعدما عزّزت نمطاً هجيناً من الاستهلاك لدى اللبنانيين، فبات التوجه نحو السلع الأرخص هو الغالب، مع التخلي التدريجي عن عادات غذائية ارتبطت بأصناف لم تعد أسعارها في متناول كثيرين. وهذا ما شجّع التجار على البحث عن بدائل تتناسب مع تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين من جهة، وتدرّ عليهم مزيداً من الأرباح من جهة أخرى. وبسبب هذا النمط المتجدّد، لم يعد معظم المستهلكين معنيّين بالسؤال عن النوعية بقدر اهتمامهم بالسعر، وهو ما فتح الباب أمام دخول أصنافٍ وأسماء منتجات كثيرة إلى السوق.
وقد انسحب هذا الأمر بقوّة على اللحوم كسلعة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، إذ بات السعر أيضاً يحكم الاستهلاك، وأصبح المستهلك يبحث عن الأرخص أو «العروضات»، من دون السؤال عن مصدر اللحوم أو نوعيتها.

وهذا سمح للتجار ومحال البيع والتعاونيات بعرض أصنافٍ من اللحوم بأسعار متنوّعة، من دون الإشارة في معظم الحالات إلى مصدرها، ومنها اللحوم الهندية المجمّدة التي تدخل السوق بكميات كبيرة لرخص أسعارها من دون أن يتم تحديد نقاط بيعها أو الإشارة إليها. إذ لا تباع كمنتج مستورد، وإنما تُخلط مع اللحوم الطازجة وتباع على أنها «لحوم بلدية». ولا قدرة للمستهلك على كشف هذا الغش، ولا سيما أن اللحوم المجمّدة لا تأتي كذبيحة مكتملة أو أقسام مكتملة من الذبيحة، وإنما على شكل قطع. وهذا ما لا يدركه المستهلك الذي «يدخل إلى الملحمة فيسارع اللحام إلى تلبية طلبه مما هو موجود في البراد، وبذلك لا يعرف المستهلك ما الذي يتناوله»، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو.
آلاف الأطنان من اللحوم الهندية تُستورد سنوياً و«تختفي» في السوق. لا عنوان لأماكن بيعها، إذ إنّ معظم من يبيعون اللحوم لا يلتزمون بالقانون لناحية الإشارة إلى مصدرها ووضع تواريخ الصلاحية عليها، ما يثير شكوكاً لناحية صلاحيتها للأكل، وفقاً لبرو، «إذ يمكن أن تكون منتهية الصلاحية ولا نعرف بذلك لأن لا معلومات عنها ولا رقابة كافية عليها».


المعروف، شعبياً، أن «اللحام يغش زوجته»، وأن خلط اللحوم ليس أمراً جديداً، ولكنه كان يجري «ع الناعم» قبل أن «يفلت الملقّ» بعد الأزمة ونشهد زيادة ضخمة في استيراد هذه الأنواع من اللحوم. وزاد الأمر سوءاً في الآونة الأخيرة مع استيراد أنواع من اللحوم الهندية كـ«التريمنغ»، وهي «تجميعة لحوم ممزوجة ببعضها في روليات، ولا نعرف ما الذي تحويه هذه التجميعة»، بحسب ماجد عيد، أمين السر لنقابة مستوردي وتجار اللحوم الحية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى